INI

السبت، 17 نوفمبر 2012

الفضاء الرقمي التفاعلي العربي في التقرير الرابع للتنمية الثقافية: بيئة خصبة لإنتاج وتداول المعلومات في إطار توظيف ثقافة «الويكي»



تشرين اون لاين 08/11/2012
حسين الإبراهيم

دلالات كثيرة حول التفاعل العربي على الإنترنت يطرحها التقرير العربي الرابع للتنمية الثقافية الصادر عن مؤسّسة الفكر العربي في بيروت 2011، ولعل في مقدمتها انعكاس هذا التفاعل الافتراضي على الواقع بشكل عام،  
 وهو مايعني أن الفضاء الرقمي التفاعلي العربي، بقنواته الثلاث (مدوّنات، منتديات، فيس بوك) مرشّح للتوسع في الحجم وللنضج في الأداء بمرور الوقت، إذ وفّر بيئة خصبة أمام شريحة لا يستهان بها، من أجل إنتاج وتداول المعلومات الخاصة وتوزيعها وتوظيفها في أكثر من خمسين قضية، بعيداً عن سلطة المراكز العليا لاتّخاذ القرار وتوجيهاتها.
هنا قراءة سريعة للنقاط الرئيسية التي تناولها التقرير، في محاولة لاستشفاف بعض الحقائق التي نواجهها في مجتمعنا دون أن نعطيها حق البحث والتحليل والتقويم.


توظيف ثقافة «الويكي»
شكّلت الشبكات الاجتماعية والمدوّنات والقوائم البريدية والمواقع والمنتديات، البنية التحتيّة لعملية التفاعل على الإنترنت. وتعامل العرب مع هذه الأدوات كغيرهم من ملايين الناس حول العالم، لكن الإرث الحضاري والديني يعمل على الحدّ من طموح الشباب العربي، فتشكّلت نواة للتعبير عن الرأي عبر الشبكة والمدونات السياسية وصفحات الفيسبوك وحسابات التويتر، وبدأ التوظيف السياسي والاجتماعي والاقتصادي للشبكة يرتفع في مقابل موجة الترفيه. استطاع العرب أن يستفيدوا من معظم سمات ثقافة «الويكي» عبر الإنترنت، ومنها:
- لا قيود على حرية التعبير
- لا شروط للانضمام لأيّ نشاط أو مجموعة
- مساواة كبيرة في الحقوق والواجبات
- الحرية الكاملة في كشف شخصية العضو
- إعلاء الفكرة والقيمة والإبداع وروح الجماعة على التوجه الفردي.
وأتاح الفضاء الرقمي التفاعلي العربي إمكانية الحشد الجماهيري ضدّ قضيّة معيّنة وإمكانية إدارة الفعاليات الميدانية من خلال إنتاج محتوى مخصّص لقضية بعينها.
استناداً إلى ذلك يمكن القول إن نشطاء الفضاء الرقمي التفاعلي العربي هم نتاج مرحلة التواصل اللحظي والأنشطة التفاعلية. وهذا الأمر يفسر الكثير من التحركات والتفاعلات التي تجري الآن على الأرض في الوطن العربي، والتي تبدو في ظاهرها حركات اجتماعية أو جماهيرية عريضة النطاق بلا قائد محدّد.
الأولويات
ثمة فروق في التعامل مع القضايا، بما يدلّ على أن جمهور كلّ قناة نشر كان لديه «فقه للأولويات» الخاص به، وفق توجهات متعددة منها:
1- تقدّم القضايا الجادة ذات العلاقة بالشأن العام واختفاء القضايا الخفيفة والخلافية. وهو يعدّ مؤشراً على وجود درجة واضحة من النضج في «فقه الأولويات» لدى المدوّنين ولدى مَن يعلقون على تدويناتهم.
2- على الرغم من احتدام بعض القضايا على أرض الواقع وجذبها اهتمام وسائل الإعلام التقليدية خارج الإنترنت، فإنها لم تجذب مجتمع المدوّنين كما فعلت قضايا أخرى أقلّ أهمية كالمذهبية، والطائفية، والإصلاحات السياسية، والأقليات، والأزمات الدولية، والإرهاب والعنف وغيرها من القضايا المماثلة.
3- مجتمع التدوين العربي لديه قدرٌ واضح من المناعة ضدّ التأثّر بالإعلام التقليدي، على الأقل حيال هذه القضايا التي يراها الإعلام التقليدي ساخنة.
التوسع والاهتمامات
سجل الفضاء الرقمي التفاعلي العربي نموذجين من التوسع:
الأول- الانتشار الظاهري، ويظهر من خلال الأرقام الأولية حول عدد التدوينات أو قنوات النشر المهتمة بها
الثاني- الانتشار العملي، الذي يقاس بمستوى جذب الجمهور، وإقناعه بمتابعة ما يُكتب أو يُنشر، والمشاركة في التعليق عليه، والإضافة إليه، وإعادة نشره في دوائر أوسع.
لوحظ مثلاً، أن أفلام السينما كانت في المركز الأول من حيث عدد المدوّنات التي اهتمت بها، لكن القضايا الدينية تقدّمت لتحتلّ المركز الأول من حيث عدد التدوينات. وتراجعت الأفلام إلى المركز الثاني والرياضة إلى المركز الثالث.
وفي المقابل يُلاحظ وجود قضايا لم تحظَ باهتمام عدد ضئيل من المدوّنات، لكنها حقّقت مستوى تدوين عالياً، كما هي الحال من قضية الأقليات التي لم تكن هناك مدوّنات مخصّصة لها، ومع ذلك كانت هناك 113 تدوينة كُتب حولها في مدوّنات متفرقة.
أما القضايا المتعلقة بالإعلام وحرية التعبير فهي تأتي في المستوى الثالث عند تطبيق معامل المدوّنات إلى التدوينات.
أما على الفيسبوك فوجدت قضايا تؤكّد فرضية انتشار ظاهري مخالف للانتشار العملي، ومنها على سبيل المثال قضية الإرهاب والتطرّف؛ فهذه القضية تنطلق من نقطة متأخرة للغاية، هي المركز الثالث والأربعين.
ويطرح أداء قضية الإعلام وحرية التعبير على الفيسبوك نموذجاً يجمع بين مستوى جماهيري جيد، ومنحى تصاعدي يتّسم بالاستقرار والخلوّ من القفزات الخاطفة المفاجئة وسريعة الاندثار.
في تصنيف الخواطر والمشاعر على الفيسبوك، بدا واضحاً أنها بمثابة المغناطيس الذي يجذب الجمهور إليها ويجعلها هدفهم الأول من بين جميع القضايا الأخرى، وإن كان قليلاً ما يختار علامة الإعجاب بها. فالجمهور يتعامل معها بسطحية تماماً مثل القضايا الدينية.
الملاحي والإجرائي والتكيفي
بناء على الردود والمتابعات الصادرة عمّا كتب من مشاركات، منح الفضاء التفاعلي الرقمي الجمهور العربي قدراً كبيراً من «التمكين» والسيطرة على تحركاته وخياراته، وتجاوب الجمهور مع هذه الميزة النسبية وقام باستغلالها وتوظيفها بوضوح.
ففي وسائل التواصل التقليدية كانت مساحة الحركة والتفاعل الوحيدة بين القارئ والصحيفة هي النظر إلى المادة التي تستهويه ثم القراءة، لكن في الفضاء التفاعلي الرقمي يبدو واضحاً أننا أمام مستوى غير مسبوق من التفاعل من خلال إبداء الملاحظات أو المشاركة في استطلاعات الرأي والحوارات مع الآخرين حول ما يقرأ.
والملاحظ أن الجمهور العربي استخدم ثلاثة أنواع من التفاعل في الفضاء الرقمي التفاعلي:
الأول، هو التفاعل «الملاحي»، الذي يتمّ من خلال التجوال في صفحات المواقع.
والثاني هو التفاعل «الإجرائي» عبر التواصل مع القائم بنشر المقترح أو القضية، بواسطة الدردشة الفورية أو الإحالة للوصلات النشطة.
والثالث هو «التكيّفي»، من خلال تكييف المادة المقدّمة عبر الموقع طبقاً للاحتياجات الشخصية للجمهور، وغالبا ما تكون المشاركة في هذا النوع أعلى.
المنتديات... بصمات النماذج الترفيهية

لا يتوقف مستخدمو الفيسبوك كثيراً عند قضية السينما والأفلام والأغاني التي تتبوأ مكانة مرموقة في المنتديات والمدوّنات، فهي في الفيسبوك تحتلّ المركز العاشر والشيء نفسه ينطبق على قضايا الطبّ والصحة. لكن هذا لا يحول دون التشابه بين الفيسبوك والمدوّنات في الموقف من القضايا الخلافية المثيرة للجدل، سواء القضايا السياسية المجتمعية، مثل الأقليات والمذهبية والطائفية والتنظيمات الإسلامية، أم القضايا المثيرة للجدل أخلاقياً واجتماعياً.
وتقترب المنتديات من المدوّنات لكن لا تتطابق معها. فمعظم اهتمامات أعضاء المنتديات العربية هي قضية الأغاني والأفلام والمسلسلات التي شكلت 8.8% من إجمالي المشاركات على المنتديات. يليها قضية النصائح والإرشادات التي شكّلت 6.4% من إجمالي المشاركات، ثم قضايا الطبّ والصحة التي حظيت بنسبة 5.8%، وبفارق طفيف جاءت القضايا الدينية لتحظى بـ5.7% من مشاركات أعضاء المنتديات. وبفارق طفيف أيضاً، جاءت قضايا الإنترنت والمعلوماتية والاتصالات، واستحوذت على 5.3% من اهتمام أعضاء المنتديات.
«الويكي»... مواقع حرة تتيح نشر المواضيع بلا قيود

ويكيwiki  هو نوع من المواقع الإلكترونية يسمح للزوار بإضافة المحتويات وتعديلها دون أي قيود في الغالب، وقد تشير كلمة ويكي أيضاً إلى برامج الويكي المستخدمة في تشغيل هذا النوع من المواقع. تعني كلمة ويكي بلغة هاواي «سريع»، وقد استخدمت هذه الكلمة لهذا النوع من أنظمة إدارة المحتوى للدلالة على السرعة والسهولة في تعديل محتويات المواقع.
أول موقع اطلق عليه اسم «ويكي» ظهر في 25 آذار 1995 وهو موقع «بورتلاند باترن ريبازيتوري» Portland Pattern Repository أي «مستودع بورتلاند للنماذج ـ أو للصيغ». وقد أنشأه وورد كانينغهام, وهو الذي اختار لفظ «ويكي» لهذا النوع من المواقع.
ما يميز مواقع الويكي بشكل عام هو: سهولة إنشاء مواضيع جديدة أو تحديث مواضيع قديمة وتعديلها دون الحاجة إلى وجود رقابة توافق على إنشاء الصفحات أو تعديلها عادةً، وبعض مواقع الويكي لا تتطلب حتى تسجيل الدخول في الموقع لإنشاء أو تعديل مواضيع فيها مميزات إضافية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون